يرتبط فشل الإنسان عادة بعوامل عديدة تساهم في ايجاده وتطويره، ومن هذه العوامل ما يلي:


عوامل نفسية

- التفكير السلبي الذي يطغى على فكر الإنسان فيجعله يخاطب نفسه بعبارات محبطة مثل: لا استطيع، لا اقدر ،لن انجح ... وما إلى ذلك من تعابير تؤثر على نفسية الفرد وتشعره بالإحباط الذي قد يمنعه من الإقدام عن العمل، أو قد تجعله يقدم على العمل و هو يتوقع مسبقا الفشل فيه.

- اسقاط الفشل على الآخرين، فالإنسان الفاشل يبحث دوما عن شماعة يعلق عليها أخطاءه، و ذلك هربا من إلقاء اللوم والتقصير على نفسه.

- فقدان الثقة بالنفس و بالقدرات الذاتية مما يولد الشعور الدائم بالدونية أمام الآخرين.

- رفض تكرار التجربة، فعند حصول أي انهزام مؤقت ينسحب الفاشل و ينزوي على نفسه، مبررا هذا الإنزواء بأنه وسيلة لحماية النفس من أي انتكاسة أو فشل جديدين.

عوامل إجتماعية

- كثرة الإنتقادات و اللوم التي يتلقاها بعض الناس من المحيط الإجتماعي الذي يعيشون فيه، و ما يرافق هذه الإنتقادات من تعابير و تصرفات تذكر الفاشل بفشله و تقارنه بغيره من الناجحين في داخل العائلة أو خارجها.

- الرشاوى و المحسوبية التي بليت بها مجتمعاتنا، والتي جعلت التفضيل بين الناس قائم على الوساطات و ليس على الكفاءات.

- الأعراف و التقاليد التي تسجن الناس و الأفكار في قالب نمطي واحد، فالطالب الذي لا يتفوق بمادة الرياضيات إنسان فاشل و إن كان الأول في صفه في مادة الأدب واللغة، و الفتاة الجميلة التي تنجح في اصطياد الزوج الغني إنسانة ناجحة و إن كانت فاقدة لأدنى مستويات الخلق والدين.

عوامل إقتصادية

- الفقر الذي قد يقف حائلا أمام تحقيق الأحلام والأماني، فالفقير المتفوق لا يستطيع اختيارالمدرسة أو الجامعة المناسبتين، أو أن يختار المهنة التي يمكن أن يبرع فيها لعدم امتلاكه للمال الكافي، مما جعل بعض الجامعات و الإختصاصات حكرا على الأغنياء دون الفقراء.

- البطالة التي تنتشر في كثير من الدول و التي تمنع الشباب الكفء من إيجاد فرص العمل المناسبة، الأمر الذي ينعكس على نفسية الشباب و يزيد من احساسهم بالفشل.

- خروج المرأة إلى العمل، و تفضيل بعض أصحاب العمل توظيف المرأة على الرجل لأهداف عدة، منها الأجر المتدني للمراة و الرغبة في استغلال جمال المرأة الخارجي من أجل زيادة عدد الزبائن، إن هذه الأسباب و غيرها كثير يتخذها الفاشل حجج يتستر ورائها حتى يعطي لنفسه و لمجتمعه المبررات التي ترفع عنه أي لوم أو تقصير.


و لتجنب الكثير من هذه الأسباب يمكن اتباع الوسائل التالية:

- الإيمان بأن الله سبحانه و تعالى الذي أنعم على عبده بكثير من النعم الظاهرة و الباطنة، يبتليه اليوم بمصيبة الفشل ليمحصه و يختبر صبره قبل أن يوفيه أجره فيما بعد، يقول تعالى :

"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".

و هذا الإيمان يستوجب ممن يستشعر لحظات الفشل" الرجوع إلى الله سبحانه و تعالى و إرجاع الأمر إليه، فهذا قدره و قضاؤه و علينا التسليم و الرضا و القبول بما كتب، فله سبحانه حكمه البالغة و أقداره الربانية التي لا نعرف أسرارها. و هذا التسليم و الرضا بقضاء الله سبحانه و تعالى لا يتنافى مع سعي الإنسان إلى تخطي مشاعر القلق و الحزن و خيبة الأمل، و ذلك يكون باللجوء إلى الله سبحانه و تعالى و الدعاء إليه بأن يزيل عنه الهم و الكرب، و من الأدعية المأثورة في هذا المجال قول النبي صلى الله عليه و سلم: ( اللهم إني اعوذ بك من الهم و الحزن و أعوذ بك من العجز و الكسل).

- التفكير الإيجابي الذي يعتبر هو المحرك الأول للدوافع و الإنفعالات التي تسبق الفعل، فإذا نجح المؤمن في برمجة أفكاره برمجة إيجابية، نجح في التحكم بكل ما يرد إليه من العالم الخارجي و التعامل معه، و بالتالي يمنع تلك العوامل الخارجية من التأثير على نفسيته و جرها إلى تصرفات سلبية قد تنعكس على صحته و سعادته الداخلية قبل أن تنعكس على سلوكه مع الآخرين الذي يشتمل كثيرا من المساوئ الأخلاقية، مثل الحقد و الحسد و الظلم. من هنا أهمية طرد الفكرة السلبية و استبدالها بأخرى إيجابية: فالفكرة " تجلب فكرة أخرى من نفس النوع، و أن قانون نشاطات العقل الباطن يبدأ بتحريك الأفكار حتى تصل إلى 6000 فكرة، و الفكرة السلبية تجذب فكرة سلبية و الإيجابية تجلب فكرة إيجابية".

- تقبل الفشل و عدم السماح له بالسيطرة على التفكير و الشعور باليأس و الإحباط ، و العمل على تحويل هذا الفشل إلى حافز للنجاح في المستقبل و " النظر إلى الهبوط و الصعود كجزء من عملية التعلم الإيجابية"، يذكر في هذا المجال أن هزيمة المسلمين في بداية غزوة حنين كان فيها أثر تربوي كبير، إذ إن "الفائدة من التعلق بالله و ربط النصر به كانت أعظم من فائدة الفتح. و تم الأمر بعد ذلك كما أراد الله له".

إضافة إلى ذلك من المفيد اعتبار أن "الخطأ و الفشل ليسا مؤشرين على قيمة الإنسان فمحبة الإنسان لنفسه يجب أن تكون بدون شرط، و لذلك على الإنسان ألا يطالب نفسه بأن يكون كفؤا تماما في كل ما يفعله".

- عدم تعليق أسباب الفشل على الآخرين، و الابتعاد عن تطوير عداء للأشخاص الذين يرتبط بهم الفشل، إذ إن كثير ممن يوجهون اللوم و الانتقاد للآخرين يفعلون ذلك عن جهل و سوء تصرف اعتقادا منهم بانهم يحسنون صنعا، و صدق المثل الذي يقول: " الأشرار بدافع الجهل يستحقون الغفران".

أخيرا، إن التعامل مع الفشل يستوجب تحليل أسباب هذا الفشل مع الإعتراف بالتقصير إن وجد، و العمل على الأخذ مستقبلا بكل الأسباب التي تؤدي إلى تلافي الوقوع في هذا الفشل، فأما إن كان هذا الفشل خارج عن إرادة الإنسان، فما عليه إلا الصبر و القبول بالأمر الواقع مع اليقين بأن الفرج قريب، إذ " أن دوام الحال من المحال". كما إن هذا التعامل يختلف من شخص لآخر، فمن الناس من ينظر إليه على أنه من الماضي الذي لن يعود، و منهم من يجر هذا الفشل معه أينما ذهب، و إلى هذا الأخير نقول "إن العمر كله هو اللحظة التي أنت فيها فاتقن عملك ما استطعت فقد لا تأتيك فرصة أخرى للعمل"


البحث
أخر